واشنطن «تنوّع» ضغوطها على بغداد عودة الاتهامات بتهريب النفط المشرق العربي فقار فاضل الإثنين 8 أيلول 2025 رجال أمن عراق
واشنطن «تنوّع» ضغوطها على بغداد: عودة الاتهامات بتهريب النفط
المشرق العربي
فقار فاضل
الإثنين 8 أيلول 2025
رجال أمن عراقيون خلال دورية على الحدود مع السعودية (أ ف ب)
بغداد | عادت الاتهامات الأميركية للعراق بالتواطؤ في تهريب النفط الإيراني عبر أراضيه، إلى الواجهة، بعد إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على شبكة «يشتبه في ضلوعها بعمليات خلط النفط وتهريبه إلى الأسواق الدولية»، وفق بيان للوزارة. وتتهم واشنطن هذه الشبكة، التي يقودها رجل الأعمال، وليد السامرائي، بأنها وفّرت لطهران مئات ملايين الدولارات خلال السنوات الماضية، من خلال الالتفاف على منظومة العقوبات الغربية.
ولم يكتفِ البيان الأميركي الذي صدر قبل أيام، بتسليط الضوء على ما زعم أنها «شبكات تهريب معقّدة»، بل حذّر من «مخاطر جدّية على النظام المالي العالمي»، مؤكداً أن وزارة الخزانة «ستواصل استهداف أي جهات عراقية أو إقليمية تسهّل لإيران عمليات بيع النفط غير الشرعية». وأثار هذا التطور مخاوف داخل بغداد من إمكانية أن تطاول العقوبات لاحقاً قطاعات أوسع، بما فيها شركات أو مؤسسات حكومية، الأمر الذي قد يضع العراق أمام أزمة اقتصادية جديدة، باعتبار أن 90% من إيرادات موازنته تأتي من بيع النفط.
في المقابل، نفت شركة تسويق النفط العراقية (سومو) بشكل قاطع صحة تلك الاتهامات. وأكّد مدير الشركة، علي نزار الشطري، أن جميع عقود البيع «تخضع لآليات رقابية وإلكترونية صارمة، تجعل من المستحيل تقريباً تمرير عمليات غير شرعية». وذهب مستشار رئيس الوزراء، فادي الشمري، بدوره، إلى أبعد من ذلك، مؤكداً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الحكومة وضعت منظومة رقابية وإجرائية صارمة تضمن سلامة عمليات التصدير، وتحمي سمعة العراق الاقتصادية من أي شبهات»، مضيفاً أن «محاولات التشكيك الأميركية المتكررة تمثّل ضغطاً سياسياً أكثر مما تعكس واقعاً ميدانياً».
تزايد الحديث عن إمكانية فرض عقوبات جديدة قد تشمل شركات أو مصارف عراقية
وفي تعليقه على ذلك، يوضح الخبير النفطي، هاشم الساعدي، أن «طرق التهريب متعدّدة، تبدأ بالنقل البري عبر الصهاريج، وتمتد إلى عمليات التحميل الليلي من سفينة إلى أخرى في عرض البحر، وصولاً إلى خلط النفط الإيراني بالنفط العراقي لتضليل الأسواق»، في حين يرى الخبير في شؤون الفساد، جاسم الموسوي، أن «المشكلة لا تقتصر على تهريب النفط فحسب، بل تمتد إلى شبكات نفوذ داخلية مرتبطة بمصالح سياسية وأمنية»، مضيفاً أن بعض الموانئ والمنافذ الحدودية «تحوّلت إلى مصادر تمويل غير شرعية لجهات نافذة، ما يضعف قدرة الدولة على فرض سيطرتها الكاملة».
وكان وجّه رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، بتشكيل لجنة تحقيق عليا للنظر في شبهات التهريب وعمليات الخلط، مع تعهّده بعدم التساهل في ملف «يمس مباشرة الأمن الاقتصادي للبلاد». وأوضحت مصادر حكومية أن هذه اللجنة ستضم ممثلين عن وزارتَي النفط والداخلية وهيئة النزاهة وجهاز المخابرات الوطني، في خطوة تهدف إلى إظهار جدية بغداد في التعاطي مع الاتهامات الأميركية.
مع ذلك، لا تزال الأسئلة قائمة حول ما إذا كان التحقيق الحكومي سيكفي لاحتواء الضغوط الأميركية، خاصة في ظل تزايد الحديث عن إمكانية فرض عقوبات جديدة قد تشمل شركات أو مصارف عراقية متهَمة بالتعاون مع شبكات تهريب. ويرى مراقبون أن أي إجراءات من هذا النوع ستضاعف من تعقيدات المشهد الاقتصادي، وستضع بغداد أمام تحدّي الموازنة بين مصالحها الاستراتيجية مع واشنطن، وعلاقاتها المتشابكة بطهران.
وفي المقابل، تكشف مصادر مطّلعة، لـ»الأخبار»، أن شبكات التهريب «ليست بمعزل عن أطراف سياسية نافذة داخل العراق»، مؤكّدة أن بعض الأحزاب «تورّطت بشكل مباشر في عمليات التهريب، عبر توفير الغطاء اللوجستي والسياسي لها». وتشير هذه المصادر إلى أن «البصرة، بما تضمّه من موانئ ومنافذ، باتت ساحة أساسية لتلك العمليات، وسط سيطرة جهات متنفّذة على مسارات التصدير والرقابة».
ان ما ينشر من اخبار ومقالات لا تعبر عن راي الموقع انما عن رأي كاتبها